المحيطات والأغطية الجليدية تقع تحت وطأة التغير المناخي



التقرير الأخير الذي أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يُسلط الضوء على التأثير الهائل لظاهرة الاحترار العالمي على المياه في جميع أنحاء العالم.

يندفع ماء الجليد المنصهر من الغطاء الجليدي على جزيرة نورأوستلانده، في أرخبيل سفالبارد النرويجي. تزداد حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع من باقي أجزاء الكوكب، وينصهر الجليد في هذه المنطقة بسرعة.

إننا نواجه تغيراً مناخياً يؤدي إلى ارتفاع حرارة المحيطات وتفتت الصفائح الجليدية على الكوكب، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير حديث صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.

في يوم الأربعاء، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريراً عن حالة المحيطات والثلوج على الكوكب. إن التقرير المكون من 900 صفحة، الذي يضم النتائج المستخلصة من آلاف الدراسات العلمية، يوضح الضرر الذي ألحقه تغير المناخ بالفعل بالمحيطات المترامية الأطراف والصفائح الجليدية الهشة ويتنبأ بمستقبل هذه الأجزاء البالغة الأهمية من النظام المناخي.

يفيد التقرير بأنه يمكن رؤية تأثيرات التغير المناخي بالفعل من قمة أعلى جبل وصولاً إلى قاع المحيط السحيق، ويشعر به كل إنسان على وجه الكوكب.

ويؤكد التقرير على أن المشكلات ليست نظرية: يظهر العلم بأنها قائمة الآن. لقد امتصت المحيطات والأغطية الجليدية القطبية والكتل الجليدية أعلى قمم الجبال بالفعل حرارة زائدة بسبب ظاهرة الاحترار العالمي التي تسبب فيها الإنسان وأصبحت الأنظمة المهمة التي يعتمد عليها وجود الإنسان على المحك.

على سبيل المثال، من المتوقع أن تنهار كتلة بلانبينسيو الجليدية على الجانب الإيطالي من جبل مونت بلانك في أي وقت، مما يأذن بإغلاق الطرق وعمليات إخلاء جميع البنايات في المنطقة. وفي المحيطات، نزح الكثير من المصايد وتقلص حجمها، مما أثر في أعمال تقدر بملايين الدولارات والصيد التقليدي على حد سواء. يتحمل الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من السواحل والذين يمثلون 27 بالمائة من عدد السكان على سطح الأرض وطأة الأمواج العاتية والعواصف العارمة. تجتاح "موجات الحرارة" البحرية المحيط بمعدل الضعف مقارنة بالعقود الثلاثة الماضية. يتكيف الملايين الذين يعتمدون على المياه المنحدرة من الكتل الجليدية والتراكمات الثلجية أعلى قمم الجبال و"أبراج تخزين المياه" في جميع أنحاء العالم، مع كل من الفيضانات القوية وموجات الجفاف المدمرة.

يفيد التقرير بأن هذه التحديات لن تزداد إلا سوءاً حتى تتخذ الدول خطوات سريعة للقضاء على انبعاثات الغازات الدفيئة. لا تزال الإجراءات القوية الحاسمة قادرة على تحاشي أو تدارك بعض أسوأ التأثيرات.

في هذا الصدد صرح كو باريت -نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بنغير المناخ- قائلاً: "تعاني المحيطات والغلاف الجليدي وطأة التغير المناخي منذ عقود مضت". "يُسلط التقرير الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة وطموحة ومتسقة في الوقت المناسب. إن صحة الأنظمة البيئية والحياة البرية والأهم من ذلك العالم الذي نترك فيه أطفالنا، جميعهم معرض للخطر".

لماذا يجب علينا الإنصات لهذا التقرير؟

في عام 2015، التقى قادة العالم في باريس في اجتماع يركز على المناخ؛ حيث اتفقوا على محاولة الحد من احترار الكرة الأرضية بحيث لا يتجاوز الارتفاع في درجات الحرارة نتيجة للاحتباس الحراري العالمي درجتين مئويتين (3.6 فهرنهايت) عما كانت عليه قبل عصر الصناعة؛ وتحقيق هدف طموح يرمي إلى الحفاظ على الارتفاع في درجة الحرارة تحت 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت).

في ذلك الوقت، كانت درجتان مئويتان تعدان هدفاً "آمناً"، وحسب ما قاله قادة العالم: "سيُلقي الحفاظ على متوسط الارتفاع في درجة حرارة الكوكب تحت هذه الدرجة بتبعات كبيرة على الاقتصاد والأنظمة الاجتماعية والبيئات الطبيعية؛ لكنه سيُدرئ أكثر التأثيرات تدميراً".

ومنذ ذلك الحين، حدث أمران، هما: (أولاً) أوضح العلم أن الكوكب قد شهد بالفعل ارتفاعاً في درجة الحرارة بما يقرب من درجة واحدة مئوية في المتوسط، بينما تأثرت بعض المناطق -مثل القطب الشمالي- بهذا الاحترار بمقدار أربعة أضعاف على الأقل. (ثانياً) أوضح آلاف العلماء بالدليل القاطع أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة فقط من شأنه الدفع بأجزاء من النظام المناخي بإحداث تأثيرات بيئية واجتماعية واقتصادية مدمرة.

تجمع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الأدلة من العلماء في جميع أنحاء العالم وتلخص حالة المعرفة بشأن حاضر الكوكب ومستقبله وتشرع في إعادة تقييم ما كان بإمكان السنوات القليلة الماضية من تاريخ العلم الجديد إطلاعنا عليه. منذ عام 1990، أُعدت خمسة تقارير تقييمية شاملة، وتعمل حالياً على التقرير السادس. وتُعد أيضاً تقارير خاصة حول موضوعات محددة، تشمل ثلاث موضوعات مهمة في العام الماضي فقط.

حذر التقرير الأول -الصادر العام الماضي- من أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة فقط من شأنه إحداث دمار شامل على سطح الكوكب. أوضح التقرير الثاني -الصادر منذ أشهر قليلة- كل من التأثيرات الملموسة بالفعل والتأثيرات المستقبلية المحتملة على اليابسة والغابات. يتناول هذا التقرير الأخير -الذي يتحدث عن المحيطات والأغطية الجليدية- الموضوعات الثلاثة. (صدر تقرير ذو صلة في أوائل هذا العام يلخص تأثير التغير المناخي في التنوع الحيوي لكوكب الأرض، محذراً من انهيارات وشيكة في العديد من الأنظمة البيئية الحساسة).
إعلانات